top of page

الأخلاق بين فريدريك نيتشه وايمانويل كانط

  • Writer: Winaruz Association
    Winaruz Association
  • Nov 9, 2020
  • 5 min read

مقال تحت عنوان : الأخلاق بين فريدريك نيتشه وايمانويل كانط لقد أحدثت الفترة الحديثة قطيعة إبستمولوجية مع العصر الوسيط فقامت بعقلنة العلوم وأعطت السلطة للعقل ، بحيث انتقلت الفلسفة بتعريفها العام (كأم العلوم ) من التحليلات والتفسيرات المتافيزيقيا المرتبطة بالكنيسة الى تفسيرات العقلية المرتبطة بالفرد الحر ، وهذا الحدث هو من ساهم في انتقال اوروبا الغربية من مجتمع محكوم بنظرية الحق الالهي الى مجتمع مدني يمتاز بالحرية والمساواة والقيم التي جعلت من الفرد الحديث يسعى بلهفة الى تحقيقها اكثر من اي وقت مضى وهذه القيم لم تنطلق من مقاصد فردية بقدر ما كانت تنطلق من تحولات علمية واجتماعية واقتصادية، بحيث ان ما هو اجتماعي يحدد ما هو ذاتي، وبهذا التطور الذي اصاب كل مناحي الحياة في العصر الحديث رفع الفلاسفة شعار النقد والتأسيس ،ولكي لا ندخل في فضفضة المفاهيم سنتناول في مقالنا هذا اشكال القيم الاخلاقية بين النقد والتفنيد .فالأخلاق بتعريف مجموعة من الفلاسفة هي دراسة معيارية للخير والشر تهتم بالقيم المثلى وتصل الى الانسان بالارتقاء عن السلوك الغريزي بمحض ارادته الحرة حيث إنها ترفض التعريف السابق القائل بأن الاخلاق ترتبط بما يحدده ويفترضه الأخرون وترى أنها تخص الإنسان وحده ومصدرها ضميره ووعيه. انطلقا مما سبق سنحاول التركيز على اشكالية الاخلاق عبر تحليل ومقارنة طرحين متضاربين وبارزين في تناول هذا الموضوع وهذان الموقفين لفيلسوفين ألمانيين هما ايمانويل كانط وفريديريك نيتشه. وبالتالي يمكن المرور الى الطرح الاشكالي والذي هو كالآتي : كيف نظر فريدريك نيتشه الى الاخلاق بشكل عام والقيم الاخلاقية بشكل خاص ؟ وكيف عبر ايمانويل كانط عن قضية الاخلاق ؟وهل هناك اتفاق بين هاتين الرؤيتين ام هناك اختلاف؟ يجب ان نهدم كل الاصنام وأن نقلب كل القيم ، كل الأخلاق السليمة تحكمها غريزة الحياة، فكل الأخلاق ظلت تحاكم وتدين لغرض في ذاتها، وليس وجهة نظرها للحياة بدافع الاحترام بل بدافع الاستغلال . هي خطأ خصوصي غير جدير بالشفقة إطلاقا، حساسية مستفحلة قد سببت مضار لا تحصى. هكذا كان فريدريك نيتشه ينعت الأخلاق فإعتبرها محكومة من طرف غريزة الحياة. فقد عرفها من خلال العودة الى تاريخ نشأتها والجذور التي انبثقت منها فربطها بكل ما هو برغماتي و دغمائي. فأكد ان الاخلاق هي أداة من صنع العبيد يستخدمونها من أجل حماية أنفسهم من بطش الأغنياء . فالضعف من شيم العبد والقوة من شيم الغني والخداع هي الطريقة الوحيدة حسب العبيد للاحتكاك بالغني لذلك قاموا بابتكار خدعة الاخلاق لحماية انفسهم وكوسيلة للحصول على المصالح وكذلك هي أداة صراع ومقاومة. ان الاخلاق هي مصيدة. لقد ميز فريديك نيتشه بين نوعين من الأخلاق أولهما أخلاق العبيد و ثانهما أخلاق السادة. فأخلاق العبيد تتمثل في العطف والشفقة والحنان و الرحمة ... هذا النوع من الاخلاق تمتاز بيها الغالبية العاجزة وتكون خداعا لنفس بحيث اننا لا يكون هدفنا من أجل الاخر بل هدفا أناني فمثلا الشفقة باعتبارها نوعا سامي من الاخلاق بمفهوم عامي هي بالأساس مكرا فنحن لا نشفق على الغير بكونه في حالة ضعف بل نحن نشفق عليه لخوفنا من أن يصيبنا ما أصابه، فلولا هذا الخوف هل ستكون هناك شفقة يا ترى ؟ أما النوع الثاني من الاخلاق فهي أخلاق السادة التي يمتاز به القوي كالشجاعة و الشهامة و القوة و الاستقلال والمواجهة... هذا ما تتطلبه الحياة إراة القوة "نيتشه". لكن بدورها هذه الأخلاق عندما يمتلكها شخص ما أو فئة معينة تقوم بالتسلط بها على الأخر . وتجعل من هذا الاخير يعتبرها شرا لذلك يحاول ان يواجهها والاطاحة بها عبر الاتحاد مع أقرانه . اذن من هنا يمكن استنتاج ان النمط الاخلاقي السائد بين أغلبة الناس بكونه قيمة انسانية يعتبره نيتشه مكرا ووسيلة للخداع تحكمها غريزة البقاء بكونها أداة صراع بين الفقير والغني لذلك فنحن لأخلاقيين . هكذا تناول فريدرك نيتشه موضوع الأخلاق والان سننتقل الى الطرح الاخر حول هذه القضية وهو طرح الفيلسوف الالماني الاخر ايمانويل كانط . ان المذهب الديني الذي نشأ عليه كانط لعب دورا اساسيا في توجهه الاخلاقي وتمسكه بالفضيلة ،ان اللمسة الدينية كانت دائما حاضرة في نظرته الاخلاقية وحرصت امه على تغذيت الجانب الروحي قبل الجانب الجسدي اعترف كانط قائلا ,لن انسى امي التي كانت اول من غرست بذرة الخير في نفسي وتغذيتها بعنايتها فهي التي فتحت قلبي لتأثيرات الطبيعية وأيقظت مفاهيمي الاخلاقية وقامت بتوسيع نطاقها مثلما ان تعاليمها قد مارست اثرا مستمرا ومفيدا في حياتي ،كانط الفيلسوف الالماني وضع نظرية الواجب الاخلاقي كنظرية كونية تصلح لكل البشر واستجابة لشرط الكونية اعتمد العقل العملي معيارا للأخلاق بمعزل عن علم النفس التجريبي لأن الانسان هو من يشرع لنفسه ،فهو اذا صانع ومحدد لهذا الفعل بإرادته الحرة ولكي لا يصبح الموقف فوضويا بين ارادات عدة فإن كانط ينطلق اولا من الاخلاق الشعبية فيعتمد فكرة الذوق العام او العمومية ،في تميز الخير والشر ،يأتي السلوك الانساني غالبا نتاجا لعوامل عدة متداخلة فيما بينها ،ابرزها التربية والبيئة ،والعوامل الوراثية لكن علم الاخلاق لا يهتم بهذه العوامل ،لكي يكون الفعل اخلاقيا فعلا ،يجب ان يصدر عن وعي وحتى السلوك الاخلاقي يجب ان يستند على قواعد اخلاقية فهذه الاخيرة يجب ان تتأسس على مبادئ عقلية اولية حتى تتصف بشرطي الضرورة والكلية ،،ان كانط رفض تأسس الفعل الاخلاقي على السعادة يأتي من كون السعادة مسألة تصلح ان تكون قانونا عاما للأخلاق التي يجب ان تتأسس على مبادئ عقلية اولية ،"يقول كانط ما أبعد السعادة وحدها عن الخير الأسمى فهي ليست خيرا إلا بمقدار إتفاقها والسلوك الاخلاقي (الخير)، ويأتي هذا من فهم كانط السعادة على انها ارضاء كل ميولنا سواء اكانت ذات تنوع ممتد او بوصفها عميقة الاثر من حيث الدرجة ام مستمرة من حيث المدة ،بهذا الصدد قال كانط يجب علينا عند صياغة القوانين الاخلاقية ان لا تأخذ في اعتبار الدوافع التجريبية اي السعادة " اضافة الى مبدأ الحرية ،وهي ضرورة الاستقلالية الانسان في الفعل الخلقي يصفه فاعلا مسؤولا خلقيا عن افعاله فأخلاق كانط قائمة على مبدأ التشريع الذاتي وهنا يأتي دور الدين ليتم عمل الاخلاق فإعتمد كانط بضرورة النظر الى افعالنا الخلقية وكأنها اومر إلهية ،فالفعل الاخلاقي هو الذي يحملنا الى ارضاء الله ومن ثم نصبح جديرين بأن نظفر بالسعادة الابدية فالدين بما يملكه من تصورات اخرى تتم بتتمة العمل الاخلاقي والذي لا يمكنه ان يعلق امله الا على ارادة الله الكلية العدل والخير ينظر كانط لإنسان بأنه وجد لديه الميل نحو الشر كما لديه الاستعداد الطبيعي للخير فكانت مهمة التربية الاخلاقية العمل على عدم نزوع الانسان نحو الشر ومن ثم تعزيز الخيرية التي في طبيعته ،ليكون حال الاجتماع البشري اخلاقيا. والصفة الاخلاقية هنا في حال المجتمعات المدنية ملحقة بفلسفة الحق ضمن فضاءات مشروع كانط في السلام العالمي الدائم . اضافة الى اقراره ان الانسان لا يحتاج الى كائن يعلو على الانسان حتى يكون في وسع الانسان ان يتعرف الى واجبه ،انه لا يمكن تأسيس النظام الاخلاقي على فكرة الكمال لأننا لا نملك اي حدس من هذه الفكرة ان تأسيس الاخلاقي الذي يربط القيمة الاخلاقية بمفهوم الكمال والارادة الالهية يعمل على تشويه نقاوة الباعث الاخلاقي فالدافع الخلقي يصبح يصبح خارج اطار الاخلاق ،والقيمة الاخلاقية لا تتركز في موضوع بل في الفعل الاخلاقي ذاته اي في الانسان نفسه ، دعى كانط الى ضرورة قيام الاخلاق على اسس ثابة لا تنهض الا بها ،هذه فكرة اخذها من فزياء النيوتونية ،انه لا يجعل القيمة الاخلاقة مطلقة بل مشروطة وغائية اذ ان الفعل الاخلاقي يستمد عندما يكون دون منفعة او غرض. إذن خلاصة القول ان مفهوم الأخلاق بين فريدريك نيتشه وإمانويل كانط. تأخذ منحى التعارض الى أبعد الدراجات فالأول يقول بمهمة الهدم فيؤكد على أن الأخلاق صنع العبيد ووسيلة للخداع والصراع وكذلك هي خوف وقد قسمها إلى قسمين أخلاق للعبيد وأخلاق لسادة. والثاني يقوم بتبيان أن الإرادة هي الخير الأقصى وشرط ضروري ليصبح أي فعل بالصبغة الأخلاقية وهي خيرة في ذاتها لا بعواقبها وهكذا تكون النية هي العنصر الأساسي في الاخلاق كلها. إضافة إلى هذا يميز الفيلسوف امانويل كانط بين نوعين من الأوامر شرطية مقيدة لها غايات وأهداف وهذه الأوامر يرفضها لأنها أوامر لذاتها وفي نظره لا تحقق القيمة الخلقة، فهي أفعال في ذاتها تربط الإرادة بالواجب أي قيام الواجب من أجل الواجب.

 المراجع والمصادر والجرائد الالكترونية: 1. امانويل كانط، أسس متافيزيقا الأخلاق، ترجمة د. محمد فتحي الشنطي، الطبعة الثانية دار النهضة العربية بيروت1969 2. تاريخ الفلسفة المجلد السادس 3. يوسف كرم، تاريخ الفلسفة اليونانية بدون طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر مصر 1936 4. نقد العقل العلمي ايمانويل كانط، ترجمة غانم هنا، الطبعة الثانية 5. غسق الاوثان فريديريك نيتشه، ترجمة علي مصباح الطبعة الأولى بيروت2010 6. الجزيرة.netـ موقع الكتروني ـ نبيل عمر يسني، 14\3\201


6

 
 
 

Comments


bottom of page