كورونا عقاب من عند الله أم هو درس للبشرية ؟
- Winaruz Association
- Mar 26, 2020
- 3 min read
إن العالم عرف رعبا لا مثيل له في هذه الأيام الأخيرة، إنها جائحة كما وصفتها منظمة الصحة العالمية، فيروس كورونا (كوفيد 19)، هذا الوباء الذي ظهر في الصين و بالضبط في مدينة ووهان في ديسمبر من العام المنصرم، و الذي حصد أرواحا عديدة في الصين حيث قضى على 3245 شخص ثم انتقل إلى ألمانيا و فرنسا و أمريكا و إيران و الجزائر و المغرب و إيطاليا و قضى على 3405 لتصبح إيطاليا هي الأولى في ارتفاع عدد الوفيات حالياً، و لا زال هذا الوباء ينتشر في البلدان و يحصد الأرواح، الشيء الذي جعل كل الدول تقوم بفرض الحجر الصحي على بعض المناطق المنتشرة فيه، و تم توقيف الدراسة و فك كل التجمعات البشرية و إغلاق المساجد و أماكن العبادة، مما أدى إلى موت الحركة في العالم ككل. كل هذا أدى إلى طرح عديد من أسئلة:
هل هو عقاب من الله ؟
هل اقترب يوم القيامة ؟
من بينها من وراء انتشار هذا الوباء ؟
كل هذه الأسئلة التي تم طرحها تعبر عن درجة الوعي لدى الناس و المجتمع بصفة عامة، فالذي يقول أن انتشار هذا فيروس هو أمر من الله جاهل بكل أسباب الطبيعة و قوانينها، فالله لا يُعقاب عباده و لا يتدخل في القوانين التي تم وضعها من القدم، هذا من جهة، و من جهة أخرى لو كان هذا حقا عقاب من عند الله لكان هذا الإله الذي نعبده الإله الشرير، و ليس الإله عادل و الخيّر، لأنه ساهم في القضاء على العديد من الأبرياء و بما أن الله الذي نؤمن به و نعبده الإله الخيّر و الإله العادل يسقط هذا الرأي في هاوية و يسقط معه أيضا فكرة أن هذا المرض عقاب منزل من عند الله. أما عن أصحاب الرأي الذين يقولون هذه علامة من علامات يوم القيامة، نقول لهم أن الساعة لا يعلمها إلا الله سبحانه و افتراء على الله إنما هو ظلم. ثم إن هذا ليس هو الفيروس الوحيد الذي عرفته البشرية فتاريخ الفيروسات يخبرنا و يجعلنا نعلم كيف أن هذه الفيروسات تطور من نفسها لتظهر من جديد، و من الفيروسات التي عرفها الانسان الإنفلونزا الإسبانية (طاعون) 1918، ثم الانفلونزا الآسيوية التي انتشرت سنة 1957 في كل من الصين و شرق آسيا، ثم انفلونزا الخنزير الذي اشتهر ب (اتش1 أن 1) و الذي ظهر في سنة 2009.
أما بالنسبة للسؤال الأخير و الذي يطرح من وراء هذا الوباء، لا يمكن الإجابة عنه إجابة دقيقة و صريحة مع العلم أن طبيعة هذا السؤال طبيعة سياسية، فهناك من يقول أن الولايات المتحدة الأمريكية هي سبب في انتشار هذا فيروس، خصوصا بعد أن كان العالم ينتظر صعود الصين للمرتبة الأولى اقتصادياً فأرادت أمريكا تحطيم الصين في عقر دارها بدس هذا الوباء، مع العلم أن هذا الفيروس مصطنع أي تم تعديله. أما الرأي آخر فيقول أن الصين خدعت العالم بعد أن صنعت هذه الجائحة و ضحت بجزء من شعبها من أجل اقتصادها، حيث بعد الإعلان عن الفيروس كل المستثمرين الأوربيين و الأمريكيين غادروا الصين بسبب الفيروس، و من هنا نفهم أن الصين أردت أن تخرج الشركات الأوروبية من أجل استقلال منتوجاتها و شركاتها الخاصة، و كان هذا هو السبب في اختراع كورونا. يتضح لنا من خلال السؤال الثالث أنه لا يمكن أن نجد حقيقة كاملة تشفي غاليلنا، و خصوصاً في هذه المسألة (العلاقات السياسية بين الدول).
إن الدرس الذي ينبغي تعلمه من فيروس كورونا هو أن الإنسان مهما بلغ من الوعي و التطور في العلم و التقنية لا يستطيع السيطرة على الطبيعة و هذا ما رأيناه في عدم قدرة العلماء و الأطباء على اكتشاف دواء يقضي على هذا الوباء في ظرفية محدودة و يعتق أرواح الناس، بل يجب على الانسان أن يفهم ايضا أن حياته أصبحت مهددة بالإنقراض من طرف الفيروسات و هذا شيء عادي إن لم يستطيع أن يعيد النظر في أشياء كثيرة و من بينها علاقته بالطبيعة و علاقته بالآخر (الانسان) في الفضاء المشترك؛ و أن التعليم و الصحة هم الركائز الأولى التي تقوم عليها الدولة كيفما كانت، و أن بناء المساجد لن ينقذ الناس من الهلاك حتى لو اعتكفنا طول الوقت في الدعاء، بل المهم هو بناء المستشفيات و تشيدها و التشجيع على البحث العلمي من أجل الترقي بالإنسان، لأن الإنسان هو المستقبل و المستقبل بيد العلم و العقل و ليس شيئاً آخر سوى العقل ثم العقل.
بقلم: زكرياء الساسي
Comments