حكايتنا مع الخوف
- Winaruz Association
- Dec 7, 2019
- 2 min read
الهلع، الذعر، الخرع، الجزع، الجبن، الخور، التوجس، الارتعاب، الارتياع، و الخشية.. جميعها مفردات لشيء واحد و هو الخوف.. الخوف الذي يسكننا و يعمر بداخلنا، و لنقل أنه يفتك بنا – هذا إن لم يكن قد أفتك بنا بالفعل. إن أول شعور ينتابك عند التفكير في أي موضوع بعقلانية و تمعن و تروي هو الخوف، لينتهي بك الأمر هاربا من حديث عميق و مشوق إلى آخر ممل و سطحي.. سيجتاحك الخوف عندما تفكر بشخص تحبه، عندما تبدع في موهبتك، عندما تنجح، تربح، تفرح، تضحك، تستمتع بوقتك، تتجول و تسافر.. و هذا لا يحدث لك وحدك فقط، بل لنا جميعا، لأنه طبيعة بشرية بحتة.. كما أني أعرف جيدا أنك تخفي جبانتك هذه عن الجميع، و تجهل أن الجميع خائفون – و بالأحرى، ميتون من خوفهم.. لست أنكر – و لا أستتر – أنني أخشى الصعوبة، العمل، المسؤولية، الشدة، الفشل، الخسارة، الطرد، الأزمة، التعب، المرض، الملل، الحزن، الندم، الأسى، الجوى، الهوى، الغرام، الزواج، العنوسة، الولادة، الأمومة، الطلاق، التيتم، النأي، الهجرة، الغربة، العزلة، الوحدة، الفراغ، الوهن، الكبر، العجز، العدم و الموت – و ما يعقب الموت.. إن السخيف في الأمر هو أننا سنعيش كل تلك الأشياء التي نتوجس بها.. لا مفر لنا من ضروريات حياتية ستطرق بابنا اليوم، غدا، بعد غد، بعد سنة، خمس سنوات أو عشر.. و المحزن هو أننا لا نستمتع بالأشياء الجميلة التي تحصل لنا، لأننا نخاف من انقضائها، الذي سيأتي حتما.. إن الخوف يخرب أجمل لحظات حياتنا، و حتى تلك السيئة منها.. نحن نرتعب من كوننا أحرارا، نجزع من آرائنا و من قولها، من التفوه باعترافاتنا المتكتم عنها، من التحدث عن معتقداتنا، بل حتى من مناقشة مواضيع تلامس واقعنا – و الأنكى من ذلك، أننا نخاف الخوف نفسه.. و لنفترض أننا حرمنا من حريتنا – أي لو سُجِنَّا – هل سيزول خوفنا يا ترى؟ هل سيتآكل كما تتآكل حيطان السجون العربية القذرة، و يتحفر كما تتحفر قضبانها و تتصدأ؟ لا أظن ذلك البتة.. لأننا كبشر، إن لم نخف على أنفسنا، فسنخاف على أحبائنا – أبائنا، أزواجنا و أبنائنا.. نحن خوارون و مرتاعون، و لن يتغير شيء من حالنا هذه، غير أننا قادرون على التعايش معها و تقبلها.. ففي النهاية، يبقى الخوف هو صديقنا الأبدي، بل عدونا الأبدي.. على ذاك، حدث نفسك – على الأقل – و بلغها أنك وجل و رعديد، و بأنك غير منزعج من حقيقتك هذه، لأن طبيعتك يتخللها الخوف.. و لأخبرك بشيء ما، من حقك أن تخاف في زمننا هذا، إذ أن كل شيء يدعو للخوف.. لذا، فلا داعي أن تبطن خوفك..
بقلم نهيلة بودريسة
ความคิดเห็น